top of page

محاضرة في بيت الحكمة: الديانة الجاهليّة من خلال القرآن الكريم


نقترح محاولة بيان طبيعة ما اصطلح على تسميته "الدين الجاهلي" عبر نقد جملة المصادرات التي رسّخها الخطاب الإسلاميّ التّقليديّ في ذاكرتنا الجمعيّة بشأنه، وهي مصادرات لم تتعرّض قطّ للنّقد والسّؤال إمّا خوفاً من المساس بالمصادرات التي انبني عليها الدّين المضادّ، وهذا ديدن المقالة الإسلاميّة، أو طمعاً في نقض تلك المصادرات خدمة لأهداف إيديولوجيّة غالباً أو دينيّة أحياناً، ممّا يجعل الحديث حولها مشبعاً بأحكام قيميّة حول الإسلام وحول الدّين "الجاهليّ" في آنٍ، وهذا هو لبّ المقالة الاستشراقيّـة.

لذلك، نقترح مناقشة هذه الرّؤى، معتمدين بعض الملاحظات التي تبدو لنا أساسيّة لإعادة فهم العقيدة "الجاهليّة" ودورها المركزيّ في نشوء طائفة المعتقدات والطّقوس الموصوفة عموماً بأنّها "جاهليّة". وتتّصل الملاحظة الأولى بخصوصيّة تلك الدّيانة التي نرى أنّها كانت بالأساس "نجوميّة"، وهو ما ينتج عنه الملاحظة الثّانية المختصّة بالعقيدة الجاهليّة ونرى أنّها كانت "دهريّة" أساسها التّماثل الرّمزي بين كلّ ما هو سماويّ وما هو أرضيّ، ومن هنا نقض ما ارتآه البعض من أنّ تلك الدّيانة كانت فقيرة من حيث افتقادها للطّقوس والأساطير، وهو ما يمهّد للملاحظة الثّالثة التي تختصّ بالإشارة إلى قوّة نزعة التديّن عند عرب "الجاهليّة" وعمقها، على عكس ما يراه معظم الباحثيـن.

bottom of page