top of page
من الميسر الجاهلي إلى الزكاة الإسلاميّة
قراءة إناسيّة في نشأة الدولة الإسلاميّة الأولى

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تقديم البروفيسور محمّد عجينة
فصول من الكتاب
عرض د. محمّد الرحموني

     يتناول هذا الكتاب أحد أشكال «الهِبَة» أو «البوتلاتش» الكوني في نسخته العربيّة القديمة، ألا وهو «الميسر الجاهلي» الذي كانت تمارسه العرب الغابرة شتاءً إذا كان الجدبُ وشُحُّ السماء من خلال تقامر زعمائها على إبلٍ معدّة طقسيّاً للغرض، ليتمّ تفريق مرابيحها على المحاويج والمعوزين. فعلى غرار البوتلاتش الكوني، لم يعدم الميسر العربي أبعاداً اقتصاديّة واجتماعيّة ودينيّة واضحة، لكنّه كان على وجه الخصوص ذا بُعد سياسي خفيّ يتمثّل في اعتماده أليّة لانتخاب زعماء العشائر على أساس القدرة على السخاء والتضحية في سبيل الجماعة منعاً لتلاشيها البيولوجي، أو استلحاقها من قِبَل جماعات أكبر، وهو بذلك إواليّة سياسيّة واعية مانعة لتوحّد القبائل في جسم سياسي واحد، أي مانعة لنشوء نصاب مستقلّ عن المجتمع يتولّى تصريف الشأن العامّ (الدولة).

     إنّه كتاب يعتمد منهجاً متعدّد الروافد يجمع بين منجزات علوم الإناسة السّياسيّة والثقافيّة والدّلاليّة من أجل إعادة قراءة مفردات «الدّين العربي الجاهليّ» والأُسس الّتي انبنت عليها طقوسه المتشابكة والمتمحورة حول طقس المَيْسِر و«العقيدة الدهريّة» المقدّسة للنّجوم، من أشربة وأطعمة (الخمر وذبائح الأنصاب) وأموال مسيّبة للآلهة (الإبل والأغنام والحرث) وقرابين حيوانيّة وإنسانيّة (العتر والوأد)، وهو ما مكّنه من إعادة بناء جملة الأفكار التي تحملها المدوّنة التراثيّة العربيّة بشأن المَيْسِر بوصفها تعبيراً حضاريّاً عربيّاً مخصوصاً لممارسة دينيّة عميقة الجذور عند جميع شعوب المنطقة العربيّة القديمة، ليتوصّل إلى أنّ التّحريم الذي مارسه الإسلام النّاشئ إنّما كان يهدف إلى تغيير «المجتمع الجاهليّ» تدريجيّاً إلى «مجتمع إسلامي»، مستهدفاً خلال المرحلة المكّيّة بناه الذهنيّة، ليباشر في المدينة وخلال مرحلة انتقال البناء المجتمعي من «القيبلة» إلى «الأمّة» ضرب مؤسّساته وأهمّها «مؤسّسة المَيْسِر» كي يستبدلها في مرحلة «التمكّن» بـ«مؤسّسة الزكاة» التي احتفظت بنفس «المنافع» الاجتماعيّة والاقتصاديّة مع إفراغها من مضمونها الديني وتحويل هدفها السّياسيّ من «اللّقاحيّة» إلى «الإسلام»، أي من «الإذعان لعُرْف القبيلة» إلى «الإذعان للشّريعة»، ومن ورائه «الإذعان للدّولة»، وباختصار: الخروج بالعرب من الدهر إلى... التاريخ.

                                                                           

                                                                                 البروفيسور محمّد عجينة

 

ما يستقرّ من كلّ فصول كتاب الحاج سالم هو الأهميّة البالغة لعلم الإناسة السياسيّة خصوصاً في إسهامه النوعي ضمن أيّ جهد معرفي نقدي وبنائي. أسلوبيّاً جاء عمله البحثي، أقرب إلى رسم المنمنمات، إذ تضافرت فقراتُه ومقاطعه وفصوله لتلتحم فيما يشبه صوراً تشكيليّة إيضاحيّة تكثّف وقائع تاريخيّة وتتمثّل نصوصاً وعقائد وتصوّرات ورموزاً لتصوغ منها ترسيمةً حافزة على المراجعة والتسديد. بذلك يفيدنا الحاج سالم، "رسّام المنمنمات"، بأنّ الانثروبولوجيا لا تقتصر على متابعة الحركات الكبرى على السطح بقدر ما هي استقراء دقيق وجريء يلج تشعّبات حقائق الواقع بما يمكّن من اكتشاف التشابكات المعقّدة والمتحرّكة التي تبني فهماً عميقاً وناظماً لاختلاجات المجتمع وحراكه ودلالات كلّ مظاهر أدائه وإيقاعه. 

الدكتور احميدة النيفر

رئيس رابطة تونس للثقافة والتعدّد

 

إنّ هذا العمل بما يدُلّ عليه من جُهْدٍ ومن مُطالعاتٍ جمّةٍ وما يتجلّى من خلاله من تمرُّسٍ بأساليب البحث ومن حَفْرٍ في نُصُوصٍ شتّى تنتمي في كثيرٍ من الأحيان إلى حضاراتٍ قديمةٍ بلُغاتٍ وحُروفٍ قديمةٍ وما يتجلّى من جميع أبوابه وفُصوله بدون استثناءٍ من تعمُّقٍ وقُدْرَةٍ على التّحليل والاستنتاج والاستنباط، وبما أفضى إليه من نتائج تتجاوز مُجرّد حُدود المَيْسِر الجاهلي لممّا يُشَرِّفُ صاحبَه ويُشرِّفُ الجامعة التونسيّة.                                

البروفيسور محمّد عجينة

من تقديمه للكتاب - تونس

 

     جاء بحث الدكتور محمّد الحاج سالم إضافة وتأسيساً إناسيّاً منح للسيرورة التاريخيّة العربيّة والإسلاميّة، التي عبرت بالمجتمع الجاهلي نحو الإسلام وتمثلاته وتطبيقاته، معنى عميقاً ومغايراً ومختلفاً عبر انزياح دلالي ومفهومي وعملي لمؤسستي "الميسر" الجاهلي و"الزكاة" الإسلاميّة" ومدى ارتباطهما بمؤسسة الدولة وجوداً وعدماً ومن ثمة لم يكن البحث تكراراً بل اختلافاً، ولم يكن تلفيقاً بل تأسيساً، ولم يكن تقليداً بل إبداعاً، ولم يكن ماضويّة بل حداثة عربية أصيلة، ولم يكن اغتراباً بل أصالة متبصّرة بالمعنى، تحكّمت في علم الأنثربولوجيا السياسية تثاقفاً واستخداماً علميّاً داخل فضائين: التراث الجاهلي والإسلامي، ومنحت للرمز والتاريخ والفعل والحراك محمولات دلاليّة عميقة وهامّة و استراتيجيّة خاصّة ما يتعلّق بموضوع نشأة الدولة الإسلاميّة الأولى...

الأستاذ حمزة بلحاج صالح

الجزائر

 

       غزارة العطاء الفكري للدكتور محمّد الحاج سالم سمة بارزة في مسيرته... إذ يعتبر اليوم من أبرز المختصّين في علم الإناسة إلى جانب نشاطه الإعلامي المكثّف وبراعته في فنّ الترجمة...

مسيرته العلميّة حافلة توّجها بالتخصّص في علم الإناسة الدينيّة والسياسيّة عبر رسالة الدكتوراه بعنوان «الميسِر الجاهلي: أبعاده ودوره في ممانعة ظهور الدولة»... وعبر مواصلة الكتابة وإنجاز عدّة دراسات وأبحاث علميّة ومقالات صحفيّة منشورة في عدد من الصحف والمواقع... وعبر كتابة وترجمة من اللغتين الفرنسيّة والإنكليزيّة لعشرات المقالات في علم الإناسة وعلم الأديان المقارن المنشورة... وعبر إصدار كتابين نأتي اليوم على الكتاب الأوّل الذي صدر أخيرا عن دار المدى الإسلامي ببيروت في طبعة فاخرة ومجلّدة، وسعر أيضاً «فاخر»...

 

الأستاذ بدري المدني

جريدة المغرب - تونس

Please reload

bottom of page